عدم تحقق المصلحة معياراً لعدم قبول الطعن
4/7/2025 10:56:57 PM
بقلم : القاضي الدكتور سيروان رؤوف علي
قاضي بمحكمة إستئناف منطقة السليمانية ومحاضر بجامعة جيهان-السليمانية
المقدمــــة:
إن إعمال الحقوق الإجرائية بإختلاف أشكالها من مكنة، أو رخصة، أو سلطة لغرض تحقيق المصلحة التي تهدف إليها، وتتمثل هذه المصلحة في خدمة الحقوق الموضوعية ، وإن الطعن في الأحكام أو القرارات القضائية لايخرج عن ذلك، لان فلسفتهُ قائمة على تصحيح العيوب المشوبة بهما، مما يعني إنها وسيلة إجرائية مقررة بيد الخصم تفيده، تارة لكي تتوافق أو تتقارب الحقيقة القضائية مع الحقيقية الواقعية، وتارةً أُخرى في الوصول إلى حقهُ الموضوعي.
بالرجوع إلى ساحة القضاء العراقي والكوردستاني يجد المدقق لقرارات محاكم الطعن بأن هناك قرارات كثيرة تخص رد الطعون المقدمة بسبب عدم قبولها شكلاً، لكونها مُنصبة على قرارات غير قابلة للطعن، أو لعدم صدور أي قرار من قبل محكمة الموضوع يكون مداراً للتدقيقات التمييزية، أو بسبب أنهُ سبق وإن تم النظر في القرار أو الحكم محل الطعن والذي تم رد الطعن من قبل وما إلى ذلك من أسباب، مما يعني أن الخصم أراد من جراء تقديم طعنهُ تحقيق مصلحة أُخرى غير المصلحة التي قُرِرَ الطعن من أجلهُ، مثل تأخير الفصل في الدعوى لكي تتأخر عملية التنفيذ تبعاً له.
إن حق الطعن من الحقوق الدستورية والقانونية المقررة للخصوم سواء في المجال المدني أم الجزائي، ويمتد هذا الحكم إلى القرارات الأدارية أيضاً بحيث لايجوز النص في القوانين على تحصين أي عمل أو قرار إداري من الطعن، لكن هذا الأمر لم يكن حائلاً أمام المشرع للخوض في إجراء تصنيف إجرائي للأحكام والقرارات القضائية، إذ يتم بموجبهُ بيان الأحكام أو القرارات التي يتم الطعن منها إنفراداً أو مستقلاً، وكذلك بيان القرارات التي لايقبل الطعن منها إلا مع الحكم الأصلي، إذ إن هذه الأخيرة وإن كانت غير قابلة للطعن إبتداءً، لكنها قابلة له حين الطعن من الحكم الأصلي حينما لاتقطع السير في الدعوى، وبخلافهُ تقبل الطعن إستقلالاً شأنها شأن الأحكام الفاصلة.
ومادام الطاعن في تقديم طعنهُ يمارس حقاً من الحقوق الإجرائية المقررة له، فعليه أن يستعمل حقه في الطعن في حدود الغاية التي قررت الطعن من أجلهُ ، لأن هذه الحقوق الإجرائية هي من الحقوق الغائية المقررة أصلًا لتحقيق الحماية القضائية للحق الموضوعي، بحيث لو تجاوز الطاعن ذلك النطاق، أو خرج عن مضمونهُ يكون منحرفاً ومسيئاً لإستعمال حق الطعن، والذي يجعل طعنهُ غير مقبول شكلًا. وهذا الحكم وإن لم يكن منصوصاً عليه في المنظومات الإجرائية العراقية سواء أكانت مدنية أم جزائية، لكننا بإمكاننا أن نستشفه من خلال الرجوع إلى المادة(7)من القانون المدني، والتي تربط إستعمال الحقوق بكافة أنواعها بغايتها، بحيث إن كل إنحراف عن تحقيق تلك الغاية، يجعل صاحب الحق متعسفاً في إستعمالهُ ، ومن ثم يكون مسؤولًا عنهُ، ومع ذلك فإن محاكم الطعن في العراق وإقليم كوردستان قد دأبت على رد هذه الطعون شكلاً دون بيان التأصيل القانوني لهذا الرد، بالإضافة إلى فرض جزاءات أخرى قانونية بعضها إجرائية وبعضها الآخر تأديبية، ويتمثل بعض منها بالإيعاز إلى محكمة الموضوع التشدد والمتهم، حتى قد يصل الأمر إلى طلب إتخاذ إجراءات جزائية بحق الطاعن، وهذه الامور بأجملها هي التي دفعتني للكتابة عن هذا الموضوع، حيث قسمتُ دراستي إلى بندين، وفي البند الأول تناولت بيان فكرة المصلحة وعلاقتها بالطعن، أما في البند الثاني تناولت بيان موقف محاكم الطعن من الطعون الكيدية أو التسويفية مع تقييمنا المتواضع لطبيعة الجزاءات التي تتضمنها قرارات محل الدراسة.
البند الأول : فكرة المصلحة وعلاقتها بحق الطعن :
تعدُّ المصلحة طريقة بسيطة وسهلة للتدليل على فكرة التعسف، إذ إن لها دور وسيلي والتي تساعد المحكمة في التوصل أو التثبت من قصد الإضرار بالغير لدى الشخص وذلك عن طريق التحقق من المصلحة وتفاهتها أو عدم تناسبها مع ما يقع بالغير من أضرار نتيجة إستعمال الحق، وللمصلحة فائدة أُخرى تتمثل بأنها تُشكل ضابطاً إيجابياً لبيان أحقية صاحب الحق في إستعمالهُ من عدمهُ، الأمر الذي يتيح للأفراد إستعمال الحقوق المقررة لهُم قانوناً ويمنع من مصادرتها([1]).
إن المصلحة كمعيار لاستعمال الحق بصورة عامة، كانت محل إهتمام المشرع العراقي في القانون الموضوعي و في القانون الإجرائي، حيث ربطت المادة(7) من القانون المدني إستعمال الحق بصورة عامة بفكرة المصلحة، بالإضافة إلى ما ذهبت إليها المادة(6) من قانون المرافعات المدنية بخصوص ربط إستعمال حق الدعوى والذي يعد من أهم وأشهر الحقوق الإجرائية.
أن إستعمال الحق وفق البند(ب و ج)من الفقرة(2)من المادة(7)من القانون المدني العراقي يرتبط بتحقيق غاية، تتمثل بتحقيق مصلحة، بمعنى أن إنتفاء الغاية أو إنحراف صاحب الحق عن تلك الغاية كإستعمالهُ لتحقيق مصلحة أُخرى، أو لتحقيق مصلحة تافهة مقارنةً بالضرر الذي يصيب الغير، فإن ذلك يجعلهُ متعسفاً لأن المصلحة المراد تحقيقها أصبحت غير مشروعة.
والمراد بالمصلحة هي المنفعة التي تعود على صاحب الحق سواء كان هو من يستعمل الحق أم غيرهُ مثلما في الحقوق الغيرية([2])، فالمصلحة ينظر إليها من زاوية من تقرر الحق لصالحهُ ، فحقوق السلطة الأبوية مثلاً تتقيد بما تحققهُ من مصلحة للأبناء ومن ثم يقدر التعسف بالنظر إلى المصلحة التي تعود على الأبناء من إستعمال آبائهم لهذه الحقوق، وكذلك الحال في حقوق السلطة الزوجية، أو في الولاية أو الوكالة وغيرها من الحقوق التي تتحدد غايتها بتحقيق مصلحة لغير أصحابها. اما الحقوق التي تهدف إلى تحقيق مصلحة لذاتها كالدائن أو المالك أو المؤجر، فإنهُ في تقدير التعسف ينظر إلى مدى ما يعود على أصحابها من مصالح نتيجة إستعمالهم لهذه الحقوق, وبذلك تبدو أن غاية الحق في كلتا الحالتين تتمثل بالمصلحة، وهي ليست مُطلقة، وليست تعبيراً عن الهوى، بل يجب أن تتسم بالجدية والمشروعية، وبذلك فإن الجدية والمشروعية تمثلان ظابطين للمصلحة، وتقاس بهما هذه الأخيرة، بحيث لو إنحرف صاحب الحق عن تحقيقها، لتفاهتهُ أو لعدم مشروعتهُ، لأصبح حينئذٍ إستعمال الحق إستعمالاً تعسفياً ومن ثم تترتب عليهِ المسؤولية([3]).
وقد تعرضت المادة(6)من قانون المرافعات المدنية العراقي لفكرة المصلحة بقولها(يشترط في الدعوى أن يكون المدعى به مصلحة معلومة وحالة وممكنة ومحققة، ومع ذلك فالمصلحة المحتملة تكفي إن كان هناك ما يدعو إلى التخوف من إلحاق الضرر بذوي الشأن، ويجوز كذلك الإدعاء بحق مؤجل على أن يراعى الأجل عند الحكم به وفي هذه الحالة يتحمل المدعى مصاريف الدعوى) وبذلك أصبحت المصلحة شرطاً لقبول الدعوى، بل من أهم شروطها، وعَبَر الفقه عن هذه الأهمية بالقول إنهُ "لا دعوى بلا مصلحة" ، وإعتبرها مناط الدعوى، وهي عبارة عن المنفعة التي يجنيها المدعي من إلتجائهُ إلى القضاء، فهي إذن الباعث على رفع الدعوى، والغاية المقصودة منها([4]). بمعنى أن إفتقار الإجراء القضائي سواء كان طعناً أو غيره إلى إحدى شروط المصلحة، يجعلهُ معيباً بعيب في المصلحة ويصبح مآله عدم قبول العمل، بالإضافة إلى ذلك فإن توفر المصلحة ليس شرطًا لقبول الإجراء إبتداءً، بل يتعين أن يظل هذا الشرط قائماً حتى الفصل فيه، وسار على هذا الاتجاه القضاء الإداري العراقي وكذلك القضاء الإداري المقارن([5]).
إذ المصلحة الواردة في المادة(6)من قانون المرافعات المدنية ليست إلا تطبيقاً من تطبيقات فكرة المصلحة كمعيار لإستعمال الحقوق، بمعنى أنه لو لم يتصدى المشرع أصلاً إلى هذه الفكرة في المادة المذكورة، لما شكل ذلك عائقاً أمام القضاء للسير نحو تطبيق أحكام المصلحة في القانون المدني بخصوص إستعمال الحقوق الإجرائية لأن المصلحة المشروعة هي غاية كافة الحقوق والأعمال القانونية والقضائية، وأن ما لا يحقق هذه المصلحة غير جدير بالحماية([6]).
يتبين مما سبق وجود علاقة وثيقة بين فكرة المصلحة وممارسة الخصم للحقوق الإجرائية المقررة لهُ، إذ إن إستعمال الحق بصورة عامة وفق البند(ب و ج)من الفقرة(2)من المادة(7)من القانون المدني يرتبط بتحقيق غاية، تتمثل بتحقيق مصلحة، بمعنى أن إنتفاء الغاية أو إنحراف صاحب الحق عن تلك الغاية، يجعلهُ متعسفاً في إستعماله، لأن المصلحة المراد تحقيقها أصبحت غير مشروعة، حيث أعتبرت محكمة التمييز العراقية بـــ(... أن طلب الدائن بيع المحجوز، ورفضهُ التسوية المعقولة التي عرضها المدين، والتي كانت تتناسب مع الدين، وإصرارهُ على بيع المحجوز تعسفاً منهُ في إستعمال حقهُ ، أخذا بالفقرة(2/ب)من المادة(7)من القانون المدني، حيث وازنت المحكمة بين مصلحة الطرفين عن طريق إجراء المقارنة بين الأضرار التي تلحق بالمدين والتي سمتها بـ(ضرراً بليغاً)، وبين مصلحة الدائن والتي بينتها بـــ(...ولايضمن للدائن إلا التعجيل في إستيفاء المتبقي من الدين...)([7])، وفي قرار آخر ذهبت محكمة التمييز إلى "أن الغرض من الحجز هو تأمين إستيفاء الدائن لحقهُ من ثمن المحجوز، فإذا قدم المدين بإختيارهُ مالاً معيناً تكفي قيمتهُ لسد الدين وتوابعهُ ، فينبغي حجز ذلك المال ، ولايلتفت إلى طلب الدائن في هذهِ الحالة إذ أاراد حجز مال آخر للمدين، إذ تعتبر ذلك من الدائن تعسفاً في إستعمال الحق"([8]).
لاتكفي وجود المصلحة لذاتها للقول بعدم التعسف، بل يشترط أيضاً أن تكون هذه المصلحة مشروعة ، بحيث لو كانت مصلحة صاحب الحق غير مشروعة، فتجعلهُ منحرفاً عن إستعمالهُ ، مما يستلزم تجريدها من الحماية القانونية([9])، بمعنى إن المصلحة هنا ليست مصلحة ظاهرة، بل يجب أن تكون هذه المصلحة مشروعة، لأن الحقوق ليست لها قيمة في نظر القانون إلا بقدر ما تحققهُ من مصالح مشروعة، فالإنحراف عن ذلك وتسخير الحقوق في سبيل مصالح غير مشروعة يجردها من قيمتها ويخلع عنها الحماية القانونية([10])، أما إذا كان إستعمال الحق إستعمالاً مشروعاً، فيجعل صاحبهُ بمنآى عن المسؤولية لان الجواز الشرعي ينافي الضمان([11])، وتقاس وجود مشروعية المصلحة من عدمها بمدى موافقتها أو مخالفتها لأحكام القانون([12])، والنظام العام و الآداب في حالة عدم توافر نص صريح في القانون([13])، مما دفع بالفقه أن يوصف المصلحة بأنها معيار مرن يخول القضاء سلطة واسعة وكبيرة في مراقبة إستعمال الحقوق([14]).
يتبين مما سبق إن فكرة "عدم مشروعية المصلحة" تصلح أن تكون ضابطاً عاماً للتعسف في إستعمال الحق؛ لأنها تتضمن كل حالات الإستعمال غير المشروع للحق، فهي جزء من الكل، فضلاً على إنها تشمل كل مكونات ضابط التعسف في الوقت نفسهُ ، إذ يمكن من خلال فكرة المصلحة التدليل على توافر نية الإضرار بالغير، إذا إنعدمت المصلحة من إستعمال الحق أو كانت مجرد مصلحة نظرية أو تافهة أو كانت مصلحة غير جدية بحيث لا تتناسب مع ما يصيب الغير من ضرر، أو كانت لتحقيق ما يتعارض مع المصلحة العليا للمجتمع.
إن المصلحة ليست شرطاً لإستعمال الحقوق الموضوعية أو حق الدعوى فحسب، بل تعتبر شرطاً عاماً مشروط في جميع الحقوق الإجرائية الأخرى، لان القواعد التي تحكم الدعوى بدءاً من إقامتها ومروراً بالتبيلغ والمرافعة والدفع والإثبات وصدور الحكم والطعن فيه، وأخيراً بالتنفيذ ليست إلا وسائل شرعت لحماية الحقوق الموضوعية([15])، وإن تطبيقات فكرة المصلحة بخصوص إستعمال الحقوق الإجرائية كثيرة، إذ يتبين من خلال التعمق في مقرراتهُ ، يظهر بإنهُ تارةً قد إعتبر المصلحة المشروعة شرطاً لإستعمال الحقوق بصورة عامة، وتارةً أُخرى يعتبرها شرطاً لقبول الإجراء، وفي مناسبات أُخرى ترد الطعن دون الإشارة إلى هذا أو ذاك، حيث صرحت محكمة التمييز أخذها بهذا المعيار في إحدى مقرراتها قائلة " ... يعتبر صاحب الحق متعسفاً في إستعمالهُ لحقهُ، إذا كانت المصلحة التي يرمي إلى تحقيقها غير مشروعة... ([16])"، وفي قرار آخر أكدت المحكمة المذكورة على أن الإستعمال المشروع للحق في طلب وضع الحجز الإحتياطي يحول دون إمكان مساءلة صاحبهُ بالتعويض عن الضرر الذي ينشأ عنهُ ، حتى ولو تم رد الطلب المذكور شكلاً([17]).
إن مناط تطبيق النصوص الإجرائية هي تحقيق مصلحة، وقد عبر المشرع عن هذه المصلحة صراحةً أو دلالةً يستخلص عندئذٍ من الظروف والوقائع، بمعنى إن قبول الإجراء معلق تحققهُ بالمصلحة، وهو الميزان الذي يوازن بهِ صحة الإجراء من عدمهُ، بحيث نستطيع القول بأن كافة الإجرائية القضائية وضعت من أجل تحقيق مصلحة معينة، وقد تكون هذه المصلحة عامة وقد تكون خاصة.
البند الثاني : موقف محاكم الطعن من الطعون الكيدية أو التسويفية :
بَيَّنا سابقاً العلاقة الوثيقة بين فكرة المصلحة ودورها المؤثر في تسيير العمل الإجرائي، وكذلك قبول إستعمال الخصم للحقوق المقررة له ضمن عملية الخصومة، بحيث إن الإستعمال العادي لهذه الطائفة من الحقوق، وممارستها في سبيل تحقيق الغرض التي قُررت من أجلها، يجعلهُ مقبولاً من جهة، ويعفي صاحبها من المسؤولية بكافة أنواعها.
إن موقف المشرع العراقي تجاه الطعن في الأحكام القضائية المدنية أو الجزائية كانت صريحة، بحيث أجاز الطعن بهما بالطريقة التي وفرها قانون المرافعات المدنية وقانون أصول المحاكمات الجزائية أو النصوص الخاصة في القوانين الفرعية([18])، إذ بينت المادة(168)من قانون المرافعات المدنية الطرق القانونية للطعن في الأحكام القضائية، وإن المادة(216)منهُ أيضاً قد رسمت الطرق القانونية التي يتم بواسطتها الطعن في قرارات القضاء المستعجل أو الحجز الإحتياطي أو الاوامر على العرائض ([19])، أما في المجال الجزائي فإن المشرع العراقي وإن لم يخص مادة واحدة لبيان مجمل الطرق القانونية للطعن من الأحكام أو القرارات الجزائية، لكنهُ أورد أربعة أنواع من طرق الطعن وهي(الإعتراض على الحكم القضائي، التمييز، إعادة المحاكمة، تصحيح القرار التمييزي)، وإن كان بعض الشراح يجعل من التدخل التمييزي طريقاً مستقلاً للطعن من الأحكام والقرارات القضائية الجزائية، حينما لم يتمكن المتضرر إعمال الطعن التمييزي من القرار أو الحكم الصادر ضده([20])،، بحيث إن إعمال هذه الطرق القانونية من قبل الخصوم في محلها، ولتحقيق الغاية المرجوة منها، يعد أمراً مرغوباً فيه ، ويعود بالإيجاب على مرفق القضاء وأعمالهُ، لكن المشكلة تبدأ حينما لم يكن إستعمال تلك الطرق لتحقيق تلك الغاية، بحيث أراد الطاعن تحقيق مصالح أُخرى جانبية أو غير مشروعة.
وبالرجوع إلى سوح القضاء العراقي والكوردستاني يجد المتعمق بأن الخصوم قد يسيء إستعمال الحقوق الإجرائية بصورة عامة وحق الطعن بصورة خاصة، وذلك عن طريق اللجوء إلى إعمال الطعن من القرارات التي تتخذها المحكمة أثناء السير في الدعوى، أو الطعن من الأحكام أو القرارات أمام محاكم غير مختصة، أو إعمال الطعن من بعض القرارات حتى بعد مرور مدة طويلة على صدورها، أو تقديم طعون متكررة لقرار واحد لكسب الوقت، أو لمنع السير في حسمها، مما يؤثر سلبا على أعمال مرفق القضاء، ويؤدي إلى تأخير حسم الدعوى، بالإضافة إلى أنهُ يؤدي إلى إنشغال القضاء بمختلف أشكالهُ أو أنواعهُ بأمور قد لاتدخل ضمن إختصاصهُ، مما يؤثر سلباً على كفاءة القضاء، ويهدر وقته ويضيع جهده، وبذلك يجب أن يكون هناك جزاء بوجه كل من يجعل من هذه الطرق وسيلة للنيل من الآخر.
قلنا في مقدمة هذه الدراسة بأن فلسفة الطعن قائمة على تصحيح عيوب الأحكام والقرارات القضائية أو تصحيح مسار الدعوى، وبذلك يجب أن يكون الطعن هادفاً إلى تحقيق تلك الغاية، أما إذا تحقق لمحكمة الطعن بأن الطاعن أراد من خلال طعنهُ تحقيق غاية أُخرى جانبية، فيعتبرهُ متعسفاً في إستعمال حق الطعن والذي يشكل سبباً كافياً لفرض جزاء إجرائي والذي هو جزاء عدم القبول.
بالرجوع إلى نصوص قانون المرافعات المدنية، وكذلك قانون أصول المحاكمات الجزائية لايجد المتمعن جزاءً إجرائياً تحت مسمى(عدم القبول) لمن يتعسف أو يسيء إستعمال حق الطعن، وتوصلت محكمة الطعن إلى عدم قبوله للسبب المذكور، وإن كان هناك تطبيقات لهذا الجزاء في مناسبات إجرائية أُخرى، لكن نستطيع أن نلمسهُ بسهولة حينما نرجع إلى المادة(7)من القانون المدني، والذي يكاد ينعقد إجماع الفقه على أن حكمها يسري على جميع أنواع الحقوق الموضوعية والإجرائية، وكذلك الحقوق العامة منها، أو الخاصة([21])، إذ تربط المادة المذكورة إستعمال الحق بغايتها، بحيث إن كل إنحراف عن تحقيق تلك الغاية، يجعل صاحبه متعسفاً في إستعمالهُ، ومن ثم يكون مسؤولًا عنه، ويتم الكشف عن هذا الإنحراف عن طريق النظر إلى المصلحة المراد تحقيقها من جراء إستعمالهُ.
ونظرا للأهمية البالغة التي أكتسبتها فكرة المصلحة، فإن الفقه([22]) قد أعتبرها من الدفوع بعدم القبول، والتي تدخل ضمن المسائل القانونية، ولايتوقف الدفع بها وإثارتها على إرادة الخصوم، بل جعل أمر المصلحة والتحقق فيها من المسائل المتعلقة بالنظام العام، ويجوز الدفع بها في أية حالة تكون عليها الدعوى([23]).
وتظهر أهمية إعتبار فكرة المصلحة من النظام العام في قانون المرافعات من حيث أن إعتبارها متعلقة بالنظام العام معناه منح المحكمة سلطة التحقيق أو الخوض في المصلحة وفي أوصافها، وعدم الإعتداد بها في حالات إنتفائها، أو عدم مشروعيتها عن طريق فرض جزاء عدم القبول من تلقاء نفسها، أي عدم السماح لصاحب الحق من إستعمال حقهُ، وإنشغال القضاء بما لايحقق المصلحة المرجوة من تقريرهُ أصلاً وبذلك يتبين أن المصلحة في قانون المرافعات تمثل وسيلة للتعرف على مدى جدية الشخص في إستعمال حقهُ الإجرائي، وكذلك يساعد على الحد من إستعمالهُ دون مقتضى ربما يكون هذا الأمر هو الذي دفع بالمشرع المصري التدخل نحو تعديل المادة(3)من قانون المرافعات المدنية والتجاري عن طريق إضافة فقرة(3) إلى المادة المذكورة، وبموجبها تقضي المحكمة من تلقاء نفسها بفرض جزاء عدم القبول، تجاه أي دعوى أو أي طلب أو دفع في حالة عدم توافر شروط المصلحة المبيَّنة في الفقرتين(1و2)من المادة المذكورة، وبسبب عدم وجود مثلهما في التشريع العراقي فإننا قلما نجد في التطبيقات القضائية في محاكمنا من إعمال أو فرض جزاء عدم القبول حتى لو تبين لهُ بأن المصلحة غير متوفرة في إستعمال الحقوق الإجرائية، ربما يكون السبب في ذلك راجعاً إلى المبدأ الذي يقضي بإن الجزاء لايتم فرضه إلا بالنص، لكن نرى بأن المبدأ المذكور لايُشكل حائلاً أمام إعمال الجزاء المذكور لأن فرض الجزاء هنا يتم بالإستناد إلى نظرية التعسف في إستعمال الحق، وما إتجهت إليهِ المادة(7)من القانون المدني، والتي أصبحت من المباديء القانونية الأولية، علما بأن إجماع الفقه المصري بخصوص المادة 3 من قانون المرافعات المدنية والتجارية منعقد على أنها ليست إلا تطبيقاً من تطبيقات فكرة المصلحة الواردة في المادة(5)من القانون المدني المصري والتي تقابل المادة(7)من القانون المدني العراقي وبذلك فما قيل بشأن القانون المصري يقال بشأن المادة العراقية أيضاً. وعلى الرغم من ذلك فإننا ندعو المشرع العراقي إلى إضافة فقرة مستقلة إلى المادة(6)من قانون المرافعات المدنية على أن يتقيد إستعمال الحقوق الإجرائية بكافة أنواعها بعدم التعسف فيها، وضرورة إعمال جزاء عدم القبول متى ما كانت المصلحة مُنعدمة، أو غير مشروعة، وأن ترتفع منزلتها إلى مصاف النظام العام، بأن لاتعلق إثارتها على طلب الخصوم، بل تعطى السلطة للمحكمة للحكم بعدم القبول.
من الملاحظ أن المشرع العراقي قد أورد جزاءً إجرائياً يتمثل بفرض الغرامة الإجرائية حين تحقق تعسف الخصم في إستعمال الحق الإجرائي المتمثل بما تتضمنها المواد( 96/4و5، و 200، و 223/1، و 288، و 291/1و2) من قانون المرافعات المدنية، لكنهُ لم يجيز فرضها في حالات الطعن الأُخرى حتى لو كانت تعسفية مثل (الإستئناف والتمييز والإعتراض على الحكم الغيابي، وإعتراض الغير، وكذلك الطعن تمييزاً من القرارات الإعدادية)، إذ من الأرجح أن يشمل فرض تلك الغرامة تلك الطرق المذكورة أيضاً لذلك مطلوب من المشرع العراقي والكوردستاني أن يَعيدا تنظيم المواد الواردة في الفصل الأول من الباب الثاني المخصصة للأحكام العامة لطرق الطعن في الأحكام، وإضافة فقرة مستقلة إلى المادة(169)منه، تكون بموجبها للمحكمة التي تبت في الطعن سلطة تلقائية للحكم بالغرامة الإجرائية التي تقدرها حسب الأحوال على أن تحدد حدها الأدنى جراء الإستعمال التعسفي للطعن.
وقد أدرك القضاء العراقي الخطورة الناجمة عن الإستعمال التعسفي لحق الطعن، وما لهُ من الآثار السلبية في سير الخصومة من جهة، والتي تُشكل عراقيل تحول دون تحقيق العدالة الناجزة والسريعة، فضلًا عما لها من تأثيرات سلبية في صرف جهد ووقت مرفق القضاء من جهة أخرى، مما يؤدي إلى إنشغالهُ بدعاوى أو دفوع، كان الهدف منها هو النيل من الخصم، دون الوصول إلى الحق الموضوعي؛ لذلك فإنهُ عمل جاهداً في الأونة الأخيرة على إتخاذ مسلك جديد في مقرراته، وذلك لكي يقطع الطريق أمام الاستعمال التعسفي لحق الطعن، حيث ذهبت محكمة التمييز الإتحادية في العراق إلى "إن إتجاه محكمة الموضوع بإرسال نسخة طبق الأصل من المحضر مع لائحة الطعن التمييزي إلى محكمة التمييز الإتحادية عند حصول الطعن بالقرارات غير الفاصلة بالدعوى، إتجاه سليم ولهُ سند من القانون للوصول إلى حسم النزاع بين الخصوم، وإيصال الحقوق إلى أصحابها بأسرع وقت وأقل جهد وللحيلولة دون إعطاء الفرصة لإطالة أمد الدعاوى"([24])، زد على ذلك فإن مجلس القضاء الاعلى العراقي قد أصدر تعميماً تحت عدد 818/ت/أ في 28/7/2016 والمتضمن على(... عند تكرار الطعن التمييزي بالقرارات الإعدادية فعلى المحكمة المختصة إتخاذ قرارها بعدم إرسال الدعوى والإكتفاء بإرسال لائحة الطعن على أن تلتزم محكمة الطعن بنظرهُ خلال سبعة أيام من تأريخ وصولهُ إليها وتمضي محكمة الموضوع بنظر الدعوى خلال تلك الفترة..)، إذ إن إنتهاج هذا المسلك الجديد يحول دون تحقيق الهدف الذي أاراد الطاعن تحقيقهُ من جراء طعنهُ التسويفي وبذلك فهو إجراء وقائي كان الهدف منهُ عدم وقوع التعسف إبتداءً، لذا مطلوب من القضاء الكوردستاني أن ينتهج ذلك المسلك لكي يقطع الطريق أمام الخصم في اللجوء إلى هذه الطريقة الكيدية، وأن يعامله بنقيض قصدهُ، بحيث إن إرسال لائحة الطعن ونسخة من محضر المرافعة يغني من إرسال إضبارة الدعوى مما يساعد المحكمة السير في الدعوى نحو حسمها دون تأخير البت فيها.
بالإضافة إلى ذلك فإن محاكم الطعن في العراق وإقليم كوردستان لم تتوقف عند حد اللجوء إلى فرض إجراءات وقائية، بل لجأت بين الحين والآخر إلى فرض إجراءات علاجية تتمثل تارةً بإتخاذ إجراءات تأديبية بحق الطاعن، وتارةً أُخرى بإتخاذ إجراءات جزائية بحقه، حتى وصل الأمر إلى التشدد معهُ إن كان متهماً، حيث ورد في أحد مقرراته إحالة الوكيل(المحامي) الذي قدم الطعن الكيدي إلى مجلس نقابة المحاميين وفق المادة (50) من قانون المحاماة، لإخلالهُ بما تفرضه عليه واجبات اللياقة في عمل المحاماة([25])، وذهبت المحكمة في قرارات أُخرى إلى أن إعمال طرق الطعن لم يكن في محلهُ ، وكان القصد منهُ هو النيل من الخصم وبذلك يصبح الطاعن مسؤولًا، ويستوجب إحالتهُ إلى محكمة التحقيق لإتخاذ التعقيبات القانونية بحقهُ([26]) وذهبت محكمة تمييز إقليم كوردستان في قرار حديث لها إلى إن(... حيث إن المتهم سبق وأن ردت طلباتهُ لأكثر من ثلاث مرات بموجب القرارات الصادرة من هذهِ المحكمة بالأعداد 1139/الهيئة الجزائية الولى/2023 في 21/8/2023 و 1733/الهيئة الجزائية الاولى/2023 في 10/12/2023، و491/الهيئة الجزائية الاولى/2024 في 26/3/2023 عليهِ قَرَر رَد الطلب وإعادة الإضبارة إلى محكمتها والإشعار إلى محكمة جنايات السليمانية بتوقيف المتهم إلى حين حسم الدعوى وذلك لتقديم طلبات النقل واحدة تلو الأُخرى مما يؤدي ذلك إلى عرقلة حسم الدعوى...)([27]).
حيث إننا نرى بأنهُ مادام الطاعن يمارس حقاً من الحقوق الإجرائية المقررة لهُ إبتداءً، لذا لايجوز أن نواجههُ بغير الطرق الإجرائية المقررة له إنتهاءً لأن الجزاء العادل هو ان يكون الجزاء من جنس العمل المتخذ، ومادام الخصم قد إتخذ عملاً إجرائياً تعسفياً، فيقتضي مواجهتهُ بجزاء إجرائي من جنس عملهُ الإجرائي وهو عدم القبول، إذ إنهُ مارس حقاً إجرائياً وهو حق الطعن، ولايعد هذه الممارسة نشاطاً إجرامياً حتى يستوجب إحالتهُ إلى محكمة التحقيق لإتخاذ الإجراءات التحقيقية بحقهُ وحيث إن هذا المنظور الجديد يشكل قيداً على حق التقاضي وكذلك حق الدعوى والحقوق المتفرعة عنهما، والذي لم يجيزه الدستور، فضلاً عن ذلك فإن تفسير سلوك الطاعن في هذه الحالة بالجريمة معناه تحول هذا الفعل المباح أصلاً والذي عبارة عن ممارسة حق قانوني وهو حق الطعن إلى فعل محظور ومجرم والذي عبارة عن إرتكابه لجريمة عمدية، حيث إن القضاء ليس في مقدورهُ خلق الجريمة وفرض العقاب لها، بل يكون خلق الجريمة والعقاب من صميم عمل المشرع وبذلك يكون موقف القضاء في تلكم القرارات مُخالفاً أو خروجاً للمادة(1)من قانون العقوبات([28]). هذا من جانب ومن جانب آخر فإن موقف قانون أصول المحاكمات الجزائية، وكذلك القضاء العراقي وكلمة الفقه منعقدة حول طبيعة إجراء التوقيف، بأنهُ إجراء إحتياطي كان الهدف منه تحقيق أحد الأهداف أو الأغراض التي تصدى إليه الفقه، وأكد عليها القضاء في قراراتهُ، وإن قطع الطريق أمام الخصم حين إعمالهُ طعناً كيداً لايبيح توقيفهُ، بل يعد توقيفهُ وفقاً لهذا المبرر تعسفاً في إستعمال صلاحياتهُ([29])، زد على ذلك فإن القضاء العراقي ومنذ زمن بعيد قد إستقر على إن مسألة توقيف المتهم وإطلاق سراحهُ بكفالة أو بدونها تعد من المسائل الداخلة ضمن صلاحية محكمة التحقيق أو محكمة الموضوع حسب صراحة المواد(109و110و157)من قانون أصول المحاكمات الجزائية، وكذلك المادة(52)من قانون رعاية الأحداث، وإن تلك المحاكم تستعمل سلطتها في التوقيف حينما تجد بأن هناك مانع قانوني من إطلاق سراحهُ، أو إن ظروف وملابسات الواقعة تستوجب بقاءهُ في التوقيف أو الحفاظ على أمن الخصوم تقتضي بقاءهُ موقوفاً، وما إلى آخره من المبررات التي أوردها الفقه وعملت بها المحاكم منذ تشريع قانون أصول المحاكمات الجزائية ، بحيث لو لم يكن التوقيف محققاً لتلك الأهداف لما يقدم إليهِ القاضي تطبيقاً لما يتمتع بها من السلطة التقديرية، فضلاً عن ذلك لو يقرأ المدقق القرارات التمييزية التي توجب توقيف المتهم جزاءً لطعنهُ التسويفي، ليجد بأن هذا التوقيف هو الجزاء المقرر جراء الطعن التسويفي، لكن الحقيقة ليست كذلك، بل التوقيف عبارة عن إجراء إحتياطي يتم اللجوء إليه في الدعوى الجزائية بغية تحقيق أهداف معينة.
حيث إن القانون هو المصدر الوحيد والمباشر للظواهر الإجرائية، بمعنى أن صنع الظواهر الإجرائية من مهام المشرع، فهو الذي يقرر ويضفي وصف الحق، أو الواجب، أو العبء على أمر من الأمور وبذلك لايجوز للقضاء أن يحرم هذا الحق أو أن يفرض واجباً إلاّ في النطاق المرسوم قانوناً([30])، وبناء على ذلك فإن الإتجاه القضائي الذي يكيّف سلوك الطاعن بالجريمة لاينسجم مع ما إنتهجهُ المشرع الإجرائي بالنسبة لتأصيل الحقوق الإجرائية؛ لأن الطاعن بتقديمهُ للطعن لم يرتكب جريمة، طالما أنهُ إستعمل حقاً إجرائياً قررهُ القانون، وإذا ثبت للمحكمة بأنهُ متعسفاً فيهِ فيقتصر الجزاء على عدم قبول طعنهُ مباشرةً إستناداً لأحكام المادة(7)من القانون المدني، واستدلالًا بالمادة(5)من قانون الإثبات([31])، بالإضافة إلى ترتب المسؤولية المدنية إن توفرت أركانهُ الأُخرى([32])، وإن بناء الحكم المذكور على تلك المواد لايجعلهُ معيباً من حيث الأساس، مادامت أحكام التعسف أصبحت من المباديء القانونية العامة المُسلم بها، وبموجبها يتم فرض الرقابة على الإستعمال التعسفي للحقوق وبشتى أنواعها، خاصة بعد أن أحتلت النظرية مكاناً بارزاً في عالم القانون قاطبةً([33])، ولكي نتجنب من هذه الإتجاهات القضائية المتباينة والإختلافات الشاسعة بينها وبين موقف القانون والفقه، وإستقراراً لمراكز الخصوم، وإحتراماً لحقهم في الطعن ندعو المشرع العراقي والكوردستاني بالتدخل عن طريق إجراء تعديلات مقتضية بخصوص إستعمال الحقوق الإجرائية، والإقرار بجواز فرض الغرامات الإجرائية بحق الطاعن الذي ثبت تعسفهُ، بالإضافة إلى جواز تقرير حق طلب التعويض للخصم المتضرر في الدعوى التي تم الطعن منها، بالإضافة إلى إجراء تعديل بخصوص كيفية إرسال الدعوى إلى محكمة الطعن حين الطعن من القرارات الإعدادية، وحيث إن المقترح الأول بكلا جانبيه يُشكل إجراءً علاجياً يتم اللجوء إليهِ حين تحقق التعسف، أما المقترح الثاني فيشكل جزاءً وقائياً يحول دون حدوث التعسف إبتداءً.
الخاتمة : في ختام هذه الدراسة توصلنا إلى مجموعة من الإستنتاجات والمقترحات وكما يأتي :
أ / الإستنتاجات : من أهم الإستنتاجات هي :
1. إن فلسفة الطعن قائمة على تصحيح العيوب المشوبة بالحكم أو القرار القضائي، وهي وسيلة إجرائية مقررة بيد الخصم تفيدهُ تارةً لكي تتوافق أو تتقارب الحقيقة القضائية من الحقيقية الواقعية، وتارةً أُخرى في الوصول إلى حقهُ الموضوعي.
2. يعتبر حق الطعن من الحقوق الدستورية والقانونية المقررة للخصوم، بحيث لاتكون الأعمال القضائية أو الإجرائية محصنة من الطعن، ومع ذلك فإن عدم جواز الطعن من القرارات الإعدادية لاتعني حصانتها منهُ، بل يكون هذا الحكم مؤقتاً لحين صدور الحكم الحاسم في الدعوى، وحينها تنبسط محاكم الطعن رقابتها على الدعوى والقرارات الصادرة فيها بأجملها.
3. لم يتطرق المشرع العراقي إلى جزاء عدم القبول بوجه من كان متعسفاً في إستعمال حقهُ الإجرائي، ولكن هذا الأمر لايُشكل مانعاً من الإستدلال بالمادة(7)من القانون المدني، لأن الأخيرة أصبحت من المباديء القانونية العامة المسلم بها، وبموجبها يتم فرض الرقابة على الإستعمال التعسفي للحقوق وبشتى أنواعها.
ب/ المقترحات : من أهم المقترحات هي :
1. ندعو المشرع العراقي والكوردستاني أن يعيدا تنظيم المواد الواردة في الفصل الأول من الباب الثاني المخصصة للأحكام العامة لطرق الطعن في الأحكام، عن طريق إضافة فقرة مستقلة إلى المادة(169)منهُ، بحيث تعطي للمحكمة التي تبت في الطعن سلطة تلقائية للحكم بالغرامة الإجرائية التي تقدرها حسب الأحوال على أن تحدد حدها الأدنى بمبلغ معين جراء الإستعمال التعسفي للطعن.
2. ندعو المشرع العراقي والكوردستاني إلى إضافة فقرة مستقلة إلى المادة(170)من قانون المرافعات المدنية، بحيث لم تجيز إرسال إضبارة الدعوى إلى محكمة الطعن حين الطعن من القرارات الإعدادية، أو تكرار الطعن من تلك القرارات، بل يكفي إرسال لائحة الطعن ونسخة من محضر المرافعة وإستشهاد من المحكمة مُبيناً فيها ظروف وملابسات الطعن الأخير، بالإضافة إلى فرض واجب إجرائي على محكمة الطعن بضرورة البت في الطعن خلال مدة معينة من تأريخ وصولهُ إليها، على أن تمضي محكمة الموضوع بنظر الدعوى خلال تلك الفترة.
3. ندعو المشرع العراقي والكوردستاني إضافة فقرة مستقلة إلى المادة(170) من قانون المرافعات المدنية، بحيث تجيز للخصم المتضرر من الطعن الكيدي أن يُطالب الطاعن بالتعويض في نفس الدعوى المنظورة من قبلها، وعليها أن تبت في الطلب دون إرجاعه.
4. ندعو القضاء العراقي والكوردستاني تفسير الظواهر الإجرائية بالوسائل الإجرائية المقررة لها قانوناً، والتخلي عن مواجهة المظاهر الإجرائية التعسفية بالوسائل الجزائية الموضوعية، بحيث يكشف لنا تأصيل فكرة عدم قبول الطعن في الحالات المدروسة في متن هذه الدراسة على نظرية التعسف في إستعمال الحق، لأنها إحتلت مكاناً بارزاً في عالم القانون قاطبةً.
[1]() ينظر: د.أحمد إبراهيم عبدالتواب، النظرية العامة للحق الاجرائي،، النظرية العامة للحق الاجرائي، دراسة تأصيلية مقارنة، ط1، دار الجامعة الجديدة، 2009 ص16.
[2]() تتميز هذه الحقوق بانها مقررة لمصلحة أصحابها والغير معاً، وإلا ما كان يمكن أن تعد حقوقاً، مما يعني أنها لاتكون خالصة لأصحابها، وأنما يداخلها حق للغير أو واجب قبله، لكن الفقه الإجرائي إستقر على إستخدام لفظ" السلطة" على هذا ما تتضمنها هذه الطائفة من الحقوق، مما يجعلنا أن نعتبرها إحدى أشكال حقوق الإجرائية شأنها شأن المكن والرخص. للمزيد: د. جلال العدوي، النزول عن الحقوق وغيرها من مراكز القانون الخاص، بحث منشور في مجلة كلية الحقوق للبحوث القانونية والإقتصادية، جامعة الاسكندرية، كلية الحقوق، سنة13، العددان 3و4، 1964، ص 184-186.
[3]() ينظر: شوقي السيد، التعسف في إستعمال الحق طبيعتهُ ومعيارهُ في الفقه والتشريع والقضاء، دار الشروق الاولى، 2008، ص 297.
[4]() ينظر: د. احمد أبو الوفا، المرافعات المدنية والتجارية ، دار المعارف، مصر، 1952، ص 103.
[5]()ينظر: القرار المرقم 5/انضباط/تمييز/2008 الصادر من الهيئة العامة لمجلس شورى الدولة العراقي في 26/12/2007 أشار إليه عباس زياد السعدي، النافع في قضاء المرافعات المدنية بين النص والتطبيق، ج1، المكتبة القانونية، بغداد، 2016.، ص 46، وكذلك ينظر مجموعة من القرارات التي إستقر فيها قضاء مجلس الدولة المصري على ضرورة إستمرار شرط المصلحة لحين الفصل في الدعوى وعلى سبيل المثال ينظر: الطعن المرقم 670 الصادر من مجلس الدولة المصري في 31/1/1954-السنة الرابعة 746، وكذلك الطعن المرقم 166 لسنة 27 القضائية تاريخ 19/11/1986، والطعن المرقم 1809 في 29/1/1989، وأستقر القضاء الاداري الاردني متمثلا بمحكمة العدل العليا على أن المصلحة شرط من شروط اقامة الدعوى تدور وجوداً وعدماً معها وعلى سبيل المثال ينظر: قرار رقم 89/1972 تأريخ 1/1/1972، قرار رقم 43/1981 في 1/1/1982، وقرار رقم 314/1994 تاريخ 13/2/1995 تم الإشارة إليها من قبل جهاد ضيف الله الجازي، وقت توافر المصلحة في دعوى الإلغاء، بحث منشور في مجلة علوم الشريعة والقانون، المجلد 42، العدد/1، 2015، ص 22 و23. وخلافاً لهذا الراي ينظر: د.نجيب أحمد عبدالله ثابت الجبلي، التعسف في استعمال الحق الإجرائي، المكتب الجامعي الحديث، 2006، ص 50.
[6]() ينظر: قرار النقض رقم 1193 لسنة 69 ق جلسة30/4/2001 المنشور في مجلة المحاماة ، لعدد الثاني، لعام 2002، ص47، أشار اليه رجب احمد محمد مرعي، الحق الإجرائي نشأته وانقضاؤه -قواعده وتطبيقاته في قانون المرافعات ، اطروحة دكتوراه مقدمة الى كلية الحقوق بجامعة عين شمس، 2009، ص 171.
[7]() ينظر: قرار رقم 621/إجراء/1955 في 24/10/1955 اشار اليه عبدالرحمن العلام، المباديء القضائية، القسم المدني، أحكام محكمة التمييز مرتبة وفق حروف الهجاء، مطبعة العاني، بغداد، 1957، ص 150.
[8]() ينظر: قرار رقم 690/إجراء/1954 في 24/10/1954 منشور في مجلة القضاء، العدد الاول، السنة الثالثة عشرة، مارت 1955، ص 128و129.
[9]() تطبيقا لذلك قضت محكمة النقض المصرية بــ( .... أن إستعمال الحق لايكون غير مشروع الا إذا لم يقصد به سوى الإضرار بالغير، وهو ما لايتحقق الا بإنتفاء المصلحة من إستعمال الحق...) ينظر: الطعن رقم 348 لسنة 43 ق جلسة، 28/3/1977 مجموعة الاحكام الصادرة عن الهيئة العامة للمواد المدنية والتجارية والأحوال الشخصية، س38، ص 812. نقلا عن د. داليا مجدي عبد الغني، المسؤولية عن إساءة استعمال حق التقاضي، دار الجامعة الجديدة، 2016، ص 92و93.
[10]() ينظر: محمد خليل محمد أبو رحمه، التعسف في استعمال الحق الإجرائي في الدعوى المدنية، رسالة مجاستير مقدمة الى كلية الحقوق بجامعة القدس، فلسطين، 2018، ص 55و56.
[11]() قريب بهذا المعنى ينظر: القرار التمييزي المرقم 302/ الهيئة المدنية الاستئنافية/2019 الصادر من محكمة تمييز اقليم كوردستان العراق في 11/9/2019 منشور من قبل القاضي جاسم جزاء جافر هورامي، صفوة المباديء القانونية لمحكمة تمييز إقليم كوردستان العراق للفترة 2018-2020،ج 1، مكتبة يادكار، ط 1، 2020، ص 71و72. وكذلك الطعن رقم 833 لسنة 50 ق. جلسة 17/2/1981 اشار اليه مصطفى مجدي هرجة، أحكام التقاضي الكيدي- إساءة استعمال حق التقاضي، ط1، دار محمود، 2006، ص 33.
[12]() بهذا المعنى قضت محكمة النقض المصرية بــ(....المصلحة التي يقرها القانون، شرط لقبول الخصومة أمام القضاء، والمصلحة المادية والادبية لاتكفي لقبول الدعوى مادامت لا تستند الى حق يحمبه القانون...) ينظر: الطعن رقم 2441 لسنة 60 ق. جلسة 26/3/1995 اشار د. احمد هندي، التعليق على قانون المرافعات على ضوء احكام النقض وآراء الفقهاء، ج1، 2008 دار الجامعة الجديدة، ص 49.
[13]() ينظر: استاذنا د.نواف خازم خالد و السيد علي عبيد، المسؤولية المدنية الناجمة عن إستعمال الحق الإجرائي في الدعوى المدنية، بحث منشور في مجلة الرافدين للحقوق، المجلد 12، العدد 44، السنة 2010، ص 115.
[14]() ينظر: د.داليا مجدي عبدالغني، مرجع سابق، ص91، وتطبيقا لذلك قضت محكمة النقض المصرية في قرار لها بـــ(....الاصل بحكم المادتين الرابعة والخامسة من القانون المدني أن المشرع اعطى للقاضي سلطة تقديرية واسعة؛ ليراقب استعمال الخصوم لحقوقهم وفقا للغاية التي استهدفها المشرع منها حتى لايتعسفوا في استعمالها..) وفي قرار آخر لها قضت بـــ(... تقدير التعسف والغلو في استعمال المالك لحقه هو من شؤون محكمة الموضوع، كما أن تقدير التعويض الجاد للفرد الناتج عن هذا التعسف هو مما تستقل به محكمة الموضوع متى كان القانون لايلزمها بإتباع معايير معينة في شأنه...) ينظر: الطعن رقم 8388 لسنة 64، ق جلسة 23/11/1995، وكذلك الطعن رقم 19 لسنة 35 ق جلسة 13/2/1969 اشار اليه مصطفى مجدي هرجة، مرجع سابق، ص 35. ومن الملاحظ إننا لانوافق إتجاه المحكمة المذكورة في قرارها الأخير بخصوص إناطة أمر التحقق من التعسف بمحكمة الموضوع، وعدم خضوعها في ذلك لرقابة محكمة النقض.
[15]() ينظر بهذا المعنى ينظر : قرار النقض 5/2/1989-طعن 1406 لسنة 52 ق- السنة 40 ص 395 رقم 74، وكذلك قرار النقض 25/1/1988 – طعن 2507 لسنة 51 ق- السنة 39 ص 134 رقم 31، اشار اليهما د. احمد هندي، مرجع سابق، ص 59، وينظر كذلك د.عباس العبودي، شرح احكام قانون اصول المحاكمات المدنية، ط1، دار الثقافة، 2006، عمان، ص 189.
[16]() ينظر: القرار التمييزي المرقم 532/مدنية اولى منقول/2003 الصادر من محكمة التمييز في 20/4/2004 أشار اليه اسعد عبد مراد، التعسف في استعمال حق التقاضي، دراسة مقارنة، بحث مقدم الى مجلس القضاء الاعلى كجزء من متطلبات الترقية الى الصنف الثالث من صنوف القضاة، 2005، ص 13. نقلا عن حسن عواد مطرود، فكرة التعسف في المجال الإجرائي، دراسة مقارنة، دار الجامعة الجديدة، 2020، ص 47.
[17]() ينظر: القرار التمييزي المرقم 43/استئنافية /86-87 الصادر من محكمة التمييز في 28/4/1987 أشار اليه ابراهيم المشاهدي، المبادئ القانونية في قضاء محكمة التمييز، في القسم المدني، مطبعة العمال المركزية، 2007، ص 329. وبهذا المعنى ايضا ينظر: القرار التمييزي المرقم 630/الهيئة المدنية/2018 الصادر من محكمة تمييز اقليم كوردستان في 27/11/2018 منشور من قبل القاضي عبدالجبار عزيز حسن، مختارات تمييزية لقضاء محكمة تمييز اقليم كوردستان، القسم المدني، ج 1، مكتبة هولير القانونية، ط 1، 2021، ص 258و259.
[18]() تنص المادة (121)من قانون النفيذ على(يعتبر الطعن التمييزي في قرار المنفذ العدل نزولا عن حق التظلم منه) وتنص المادة(122)منه على(يجوز للخصم ان يطعن تمييزا في قرار المنفذ العدل، او في القرار الصادر منه، بعد التظلم لدى محكمة استئناف المنطقة خلال سبعة ايام ، بعريضة يقدمها الى المنفذ العدل ، او الى المحكمة المختصة بالطعن )، وتنص المادة(124)من منه على(يكون قرار قاضي محكمة البداءة الصادر بحبس المدين، قابلا للطعن فيه تمييزا من قبل المدين لدى محكمة استئناف المنطقة خلال سبعة ايام من تاريخ ايداعه السجن، وفي حالة رفض القاضي حبس المدين ، فللدائن الطعن فيه تمييزا خلال سبعة ايام من اليوم التالي لصدور القرار) اي يكون هذا القرار خاضعا للتمييز فقط دون التظلم.
[19]() ينظر: المادة(30)من قانون الإدعاء العام العراقي رقم 159 لسنة 1979 المعدل، وكذلك المادة(7/ثانيًا/أ) من قانون الادعاء العام الجديد رقم 49 لسنة 2017 التي تنص على" إذا تبين لرئيس الادعاء العام حصول خرق للقانون في حكم او قرار صادر عن أي محكمة عدا المحاكم الجزائية أو في أي قرار صادر عن لجنة قضائية أو من مدير عام دائرة رعاية القاصرين أو مدير رعاية القاصرين المختص أو المنفذ العدل من شأنه الأضرار بمصلحة الدولة أو القاصر أو اموال أي منهما أو مخالفة النظام العام يتولى عندها الطعن في الحكم أو القرار لمصلحة القانون رغم فوات المدة القانونية للطعن إذا لم يكن أحد من ذوي العلاقة قد طعن فيه او قد تم الطعن فيه ورد الطعن من الناحية الشكلية"، وينظر: المادتان(89/6و96،250)من قانون المرافعات المدنية والتجارية المصري.
[20]() ينظر: القاضي عدنان زيدان حسون العنبكي،، التدخل التمييزي في الدعوى الجزائية، مكتبة الصباح، بغداد، 2014، ص15 وما بعدها.
[21]() ينظر: القانون المدني، مجموعة الأعمال التحضيرية، ج1، الباب التمهيدي أحكام عامة، دار الكتاب العربي، دون بيان سنة النشر،ص 203 وما بعدها. وللمزيد حول هذا الموضوع ينظر: د.علي مصطفى الشيخ، الإجراءات التسويفية، دراسة في ظاهرة المماطلة مفهومها، والمواجهة القانونية لها أمام القضاء المدني، بحث منشور في مجلة البحوث القانونية والإقتصادية، كلية الحقوق، جامعة المنصورة، عدد 56، 2014، ص 119 وما بعدها، وكذلك ينظر: د.علي عبيد الحديدي، التعسف في استعمال الحق الإجرائي في الدعوى المدنية، المؤسسة الحديثة للكتاب، لبنان، ط 1، 2015، ص 92.
[22]() ينظر د.نجيب أحمد عبدالله ثابت الجبلي، مرجع سابق، ص 51.
[23]() تنص المادة(3/ثالثا) من قانون المرافعات المدنية والتجارية المصري على (( وتقضي المحكمة من تلقاء نفسها، في اية حالة تكون عليها الدعوى، بعدم القبول في حالة عدم توافر الشروط المنصوص عليها في الفقرتين السابقيتن)).
[24]()ينظر: ينظر: القرار التمييزي المرقم 325/326/هيئة عامة/2013 الصادر من محكمة التمييز الاتحادية في 30/7/2013 غير منشور، ومن الملاحظ أن مجلس القضاء الأعلى قد أصدر أعمام تحت عدد 336/2018 في 29/3/2018 إلى كافة المحاكم بخصوص مضمون القرار المذكور، ويلاحظ أن محكمة استئناف نينوى بصفتها التمييزية قد أكدت على هذا الرأي في قرارها المرقم 48/ت.ب/2019 في 16/4/2019 المنشور في مجلة حمورابي، مجلة نصف سنوية تصدرها جمعية القضاء العراقي، السنة الثانية، العدد الثاني، 2020، ص281و282.
[25]()ينظر بهذا الصدد: القرار التمييزي المرقم 606/هيئة الأحوال الشخصية/2019 الصادر من محكمة تمييز إقليم كوردستان في 31/7/2019،(غير منشور)، وكذلك ينظر: القرار التمييزي المرقم 371/هيئة الأحوال الشخصية/2019 الصادر من محكمة تمييز إقليم كرودستان في 30/4/2019. (غير منشور)، وتطبيقا للفكرة نفسها أصدر مجلس التأديب في نقابة المحاميين قراره المؤرخ 16/8/2023 بإدانة المشكو منه المحامي(/) ومنه من مزاولة مهمنة المحاماة لمدة ستة أشهر، وبعد الطعن منه من قبل المشتكي(رئيس مجلس القضاء) أصدرت محكمة التمييز قراراها التمييزي المؤرخ 17/11/2024 تحت تسلسل(308/هيئة شؤؤوف المحاميين/2024 قرارا يتضمن على(....وعند عطف النظر على الحكم المميز تبين بأن مجلس التأديب قضى بإدانة المحامي المشكو منه(/) لثبوت ارتكابه مخالفة المادة(50)من قانون المحاماة رقم 173 لسنة 1965 المعدل لاتخاذه مسلكا لاينسجم مع يفرضه القانون من الاحترام الواجب للقضاء وصيانة كرامته وتجنب كل ما يؤخر حسم الدعوى، وأن يتحاشى كل مايخل بسير العدالة لقيامه بالطعن في قرار من القرارات الاعدادية غير الفاصلة في الدعوى والتي تصدرها محكمة الموضوع أثناء السير في المرافعة ولايجوز الطعن فيها على الانفراد بموجب الاضبارة الاستئنافية المرقمة(/)محكمة استئناف الكرخ على الرغم انه محام وعلى دراية ومعرفة تامة بطرق الطعن القانونية والقرارات القابلة وغير القابلة للطعن، إلاَّ أنه وجد بان العقوبة المفروضة على المشكو منه جاءت خفيفة ولاتتناسب مع ظروف ووقائع الدعوى والمخالفة المرتكبة وسوابق المشكو منه مما يقتضي تشديدها ويتعين نقض الحكم من هذه الجهة...) غير منشور
[26]()ينظر: القرار التمييزي المرقم 1063/الهيئة الجزائية الاولى/2024 الصادر من محكمة تمييز اقليم كوردستان في 14/7/2024.(غير منشور)
[27]()ينظر: القرار التمييزي المرقم 1063/الهيئة الجزائية الاولى/2024 الصادر من محكمة تمييز إقليم كوردستان في 14/7/2024،(غير منشور)، وجاء في قرار آخر لتلك المحكمة تحت عدد الهيئة الجزائية الاولى/2024 في 9/6/2024 الى إن(... لايجوز ابتداع طرق طعن جديدة لم ينص عليها القانون لذا تقرر رد طلب التخل التمييزي شكلا وايعاز الى محكمة جنح السليمانية بزج المتهم(/)في التوقيف وفق مادة الاحالة لكونه ومنذ ان تم احالة الاضبارة الى محكمة الجنح وهو يقدم الطعون التمييزية واحدة تلو الآخر وذلك بموجب القرارات التمييزية.... وحيث إن القضاء ساحة للعدل ولاحقاق الحق مما يقتضي صيانته من العبث والاساءة ويجب على المتخاصمين ومن ينوب عنهم ويجب على المتخاصمين ومن ينوب عنهم الالتزام باحكام القانون ومبدأ حسن النية في تقديم الادلة وطعوناتهم والا عرض المخالف نفسه للعقوبة...)(غير منشور).
[28]()ينظر: المادة(1)من قانون العقوبات.
[29]()ينظر: القرار التمييزي المرقم 369/ت.جنح/2023 الصادر من محكمة استئناف السليمانية بصفتها التمييزية في 2/11/2023،(غير منشور)، والمتضمن على (...أما بخصوص اعادة توقيف المتهم وان كانت من صلاحيات محكمة الموضوع ، لكنه لايجوز اساءة استعماله عليه قرر نقضه واطلاق سراحه بالكفالة السابقة للنتيجة...)(غير منشور).
[30]()ينظر: أطروحتنا للدكتوراه بعنوان نظرية الحق الإجرائي في قانون المرافعات المدنية، دراسة تحليلية مقارنة، مقدمة الى مجلس كلية القانون بجامعة السليمانية، 2022، ص 157.
[31]() قريب من الرأي المقترح ينظر: القرار التمييزي المرقم 674/ه.ش/2017 الصادر من محكمة التمييز الاتحادية في 1/2/2017، مشار إليه فلاح كريم وناس آل جحيش، المختار من قضاء محكمة التمييز الاتحادية ومحكمة تمييز إقليم كوردستان ومحاكم الاستئناف بصفتها التمييزية، تطبيقات قانون الإثبات، ط1، المكتبة القانونية، 2018، ص 32و33، وينظر ايضا: القرار التمييزي المرقم 9/م/2007 الصادر من محكمة استئناف كربلاء بصفتها التمييزية في 14/3/2007، حيث قضت المحكمة برد اللائحة التمييزية شكلًا، وسببت المحكمة قرارها بـــ " أن تكرار تقديم الطعن على قرار إعدادي يستنتج منه على أن الطاعن قد قصد بطعنه عرقلة حسم ماهو معروض امام المحكمة، وحيث إن القضاء ساحة للعدل وإحقاق الحق مما يقتضي صيانته من العبث ويجب الالتزام بأحكام القانون وبمبدأ حسن النية وإلّا يوقعه تحت طائلة القانون والمحاسبة إذا تكرر ذلك". غير منشور.
[32]()ينظر: المادتان(6و7)من القانون المدني العراقي، والمادتان(4و5)من القانون المدني المصري، والمادة(30)من القانون المدني الكويتي.
[33]()ينظر: الفقرة(12)من الاسباب الموجبة للقانون المدني العراقي.